فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {فأرسلنا عليهم الطوفان} قال: الماء والطاعون والجراد. قال: تأكل مسامير رتجهم: يعني أبوابهم وثيابهم، والقمل الدبا، والضفادع تسقط على فرشهم وفي أطعمتهم، والدم يكون في ثيابهم ومائهم وطعامهم.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: بلغني أن الجراد لما سلط على بني إسرائيل أكل أبوابهم حتى أكل مساميرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجراد نترة من حوت في البحر.
وأخرج العقيلي في كتاب الضعفاء وأبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الجراد؟ فقال: إن مريم سألت الله أن يطعمها لحمًا لا دم فيه فاطعمها الجراد».
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة الباهلي «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مريم بنت عمران سألت ربها أن يطعمها لحمًا لا دم فيه فاطعمها الجراد، فقالت: اللهم اعشه بغير رضاع، وتابع بينه بغير شياع يعني الصون» قال الذهبي: اسناده أنظف من الأول.
وأخرج البيهقي في سننه عن زينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: إن نبيًا من الأنبياء سأل الله لحم طير لا ذكاة له، فرزقه الله الحيتان والجراد.
وأخرج أبو داود وابن ماجة وأبو الشيخ في العظمة والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن سلمان قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد؟ فقال: «أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه».
وأخرج أبو بكر البرقي في معرفة الصحابة والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي زهير النميري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقاتلوا الجراد فإنه جند من جند الله الأعظم» قال البيهقي: هذا إن صح أراد به إذا لم يتعرض لإِفساد المزارع، فإذا تعرض له جاز دفعه بما يقع به الدفع من القتال والقتل، أو أراد تعذر مقاومته بالقتال والقتل.
وأخرج البيهقي من طريق الفضيل بن عياض عن مغيرة عن ابراهيم عن عبد الله قال: وقعت جرادة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: الا نقتلها يا رسول الله؟ فقال: «من قتل جرادة فكأنما قتل غوريا» قال البيهقي: هذا ضعيف بجهالة بعض رواته، وانقطاع ما بين إبراهيم وابن مسعود.
وأخرج الحاكم في تاريخه والبيهقي بسند فيه مجهول عن ابن عمر قال: وقعت جرادة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتملها فإذا مكتوب في جناحها بالعبرانية: لا يعني جنيني ولا يشبع آكلي، نحن جند الله الأكبر لنا تسع وتسعون بيضة، ولو تمت لنا المائة لأكلنا الدنيا بما فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أهلك الجراد اقتل كبارها، وأمت صغارها، وأفسد بيضها، وسدَّ أفواهها عن مزارع المسلمين وعن معايشهم إنك سميع الدعاء، فجاءه جبريل فقال: إنه قد استجيب لك في بعض» قال البيهقي: هذا حديث منكر.
وأخرج الطبراني وإسمعيل بن عبد الغافر الفارسي في الأربعين والبيهقي عن الحسين بن علي قال: كنا على مائدة أنا، وأخي محمد بن الحنفية، وبني عمي عبد الله بن عباس، وقثم، والفضل، فوقعت جرادة فأخذها عبد الله بن عباس، فقال للحسين: تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة؟ فقال: سألت أبي فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي «على جناح الجرادة مكتوب: إني أنا لا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها، إذا شئت بعثتها رزقًا لقوم، وإن شئت على قوم بلاء». فقال ابن عباس: هذا والله من مكنون العلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس: مكتوب على الجرادة بالسريانية: إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، الجراد جند من جندي أسلطه على من أشاء من عبادي.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب قال: لما خلق الله آدم فضَّل من طينته شيء فخلق من الجراد.
وأخرج عن سعيد بن أبي الحسن. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: {الطوفان} المطر {والجراد} هذا الجراد. {والقمل} الدابة التي تكون في الحنطة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال: القمل: الجراد الذي لا يطير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: القمل: هو القمل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد قال: زعم بعض الناس في القمل أنها البراغيث.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حبيب بن أبي ثابت قال: القمل: الجعلان.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {والقمل والضفادع} قال: القمل: الدبا. والضفادع: هي هذه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
يبادرون النحل من أنها ** كأنهم في الشرف القمل

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: القمل: الجنادب بنات الجراد.
وأخرج أبو الشيخ عن عفيف عن رجل من أهل الشام قال: القمل: البراغيث.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانت الضفادع برية، فلما أرسلها الله على آل فرعون سمعت وأطاعت فجعلت تقذف نفسها في القدر وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور، فأثابها الله بحسن طاعتها برد الماء.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لم يكن شيء أشد على آل فرعون من الضفادع، كانت تأتي القدور وهي تغلي فتلقي أنفسها فيها، فأورثها الله برد الماء والثرى إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال: لا تقتلوا الضفادع فانها لما أرسلت على آل فرعون انطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار، طلبت بذلك مرضاة الله فأبدلهن الله أبرد شيء نعلمه الماء، وجعل نعيقهن التسبيح.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي. أن طبيبًا ذكر ضفدعًا في دواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: سالت النيل دمًا فكان الاسرائيلي يستقي ماء طيبًا ويستقي الفرعوني دمًا، ويشتركان في اناء واحد فيكون ما يلي الاسرائيلي ماء طيبًا وما يلي الفرعوني دمًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: أرسل الله عليهم الدم فكانوا لا يغترفون من مائهم إلا دمًا أحمر، حتى لقد ذكر لنا أن فرعون كان يجمع بين الرجلين على الاناء الواحد القبطي والإِسرائيلي، فيكون ما يلي الإِسرائيلي ماء وما يلي القبطي دمًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله: {والدم} قال: سلط الله عليهم الرعاف.
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الشامي قال: مكث موسى في آل فرعون بعد ما غلب السحرة عشرين سنة يريهم الآيات، الجراد والقمل والضفادع والدم فيأبون أن يسلموا.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: مكث موسى في آل فرعون بعد ما غلب السحرة أربعين سنة يريهم الآيات، الجراد والقمل والضفاع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {آيات مفصلات} قال: كانت آيات مفصلات بعضها على أثر بعض ليكون لله الحجة عليهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {آيات مفصلات} قال: يتبع بعضها بعضًا، تمكث فيهم سبتًا إلى سبت ثم ترفع عنهم شهرًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان بين كل آيتين من هذه الآيات ثلاثون يومًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كانت الآيات التسع في تسع سنين، في كل سنة آية. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ}.
{الطُّوفَان} جمع: طُوفَانة، أي: هو اسمُ جنس كـ: قمح وقمحة، وشعير وشعيرة.
وقيل: هو مصدرٌ كالنُّقْصَان والرُّجْحان، وهذا قول المُبَرِّدِ في آخرين والأوّلُ قول الأخْفَشِ.
وقال: هو فُعْلان من الطَّواف، لأنَّه يطوفُ حتَّى يَعُمَّ الأرضَ، وواحدته في القياس طُوفَانَة؛ وأنشد: [الرمل]
غَيَّرَ الجِدَّةَ مِنْ آيَاتِهَا ** خُرُقُ الرِّيحِ وطُوفَانُ المَطَرْ

والطُّوفان: المَاءُ الكثير، قاله اللَّيْثُ؛ وأنشد للعجّاج: [الرجز]
وعَمَّ طُوفانُ الظَّلامِ الأثْأبَا

شَبَّهَ ظلامَ اللَّيلِ بالماءِ الذي يَغْشَى الأمكِنة.
وقال أبُو النَّجْمِ: [الرجز]
وَمَدَّ طُوفانٌ مُبيدٌ مَدَدَا ** شَهْرًا شَآبيبَ وشَهْرًا بَرَدَا

وقيل: الطُّوفان من كُلِّ شيءٍ: ما كان كثيرًا مُحيطًا مُطْبقًا بالجماعة من كُلِّ جهة كالمَاءِ الكثيرِ، والقَتْلِ الذَّريع، والمَوْتِ الجارفِ، قاله الزَّجَّاجُ.
وقد فَسَّرَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم بالموتِ تارةً، وبأمرٍ من اللَّهِ أخرى، وتلا قوله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ} [القلم: 19] وهذ المادَّةُ وإن كانت قد تَقدَّمَتْ في {طَائِفَة} إلاَّ أنَّ لهذه البنية خصوصيةً بهذه المعاني المذكورة.
والجَرَادُ معروف، وهو جَمْعُ: جَرَادةٍ، الذَّكَرُ والأنْثَى فيه سواء.
يقال: جَرَادَةٌ ذَكَرٌ وجَرَادة أنْثى، كـ: نَمْلَة، وحمامة.
قال أهلُ اللُّغَةِ: وهو مشتقٌّ من الجَرْدِ.
قالوا: والاشتقاقُ في أسماءِ الأجْنَاس قليلٌ جِدًا.
يقال: أرْضٌ جَرْدَاء، أي: مَلْسَاء وثَوْبٌ جَرْدٌ، إذا ذَهَبَ زئبره.
والقُمَّلُ: قيل: هي القِرْدَان، وقيل: دوابُّ تشبهها أصْغَرَ مِنْهَا.
وقال سعيدُ بن جبير: هو السُّوسُ الذي يخرج من الحِنْطة.
وقال ابْنُ السِّكِّيت، إنَّه شيء يقع في الزَّرع ليس بجرادٍ؛ فيأكل السُّنبلة، وهي غضة قبل أن تقوى، وحينئذٍ يطولُ الزَّرءعُ ولا سنبل له.
وقيل: إنَّهَا الحمنان الواحدة: حَمْنَانَة، نوع من القِرْدَان.
وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ: كان إلى جنبهم كثيب أعفر بقرية من قُرَى مصر تدعى بعين شمس فذهب موسى إلى ذلك الكثيب فضربه بعصاهُ فانْهَالَ عليهم القُمَّل، وعلى هذا هو القَمْل المعروف الذي يكون في بدن الإنسان وثيابه، ويؤيد هذا قراءة الحسن {والقَمْل} بفتح القاف وسكون الميم، فيكونُ فيه لغتان: {القُمَّل} كقراءة العامةِ و{القَمْل} كقراءة الحسن البصري.
وقيل: القملُ البراغيث، وقيل: الجعلان.
والضفَادعُ: جمع ضِفْدَع، بزنة دِرْهَم، ويجوز كسر دَالِهِ فتصير بزنة زِبْرِج وقدْ تُبْدَلُ عَيءنُ جمعه ياء، كقوله: [الرجز]
وَمَنْهَلٍ لَيْسَ لَهُ حَوَازِقُ ** ولِضَفَادِي جَمِّهِ نَقَانِقُ

وشَذَّ جمعُهُ على: ضِفْدَعَات، والضِّفْدَعُ: مؤنَّث، وليس بمذكر، فعلى هذا يُفَرَّقْ بين مذكّره ومؤنثه بالوصفِ.
فيقال: ضِفْدَع ذكر وضفدع أنثى، كما قلنا ذلك في المتلبِّس بتاء التأنيث، نحو حمامة، وجرادة، ونملة.
قوله: {آيَاتٍ مفصّلات}.
آياتٍ منصوبة على الحال من تلك الأشياءِ المتقدّمة أي أرْسَلْنَا عليهم هذه الأشياءَ حال كونها علاماتٍ ممزيًا بعضها من بعض، ومُفَصَّلاتٍ فيها وجهان:
أحدهما: مُفَصَّلات أي: مُبينات لا يشكلُ على عاقل أنَّهَا من آيات اللَّهِ التي لا يقدر عليها غيره.
وقي: مُفَصّلات أي: فَصَّلَ بعضها من بعض بزمانٍ يمتحن فيه أحوالهم هل يقبلون الحُجَّة، أو يستمرون على المُخالفةِ؟ فاسْتَكْبَرُوا عن عبادة الله: {وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ}. اهـ. باختصار.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}.
جَنَّسَ عليهم العقوباتِ لمَّا نوَّعُوا وجَنَّسوا فنونَ المخالفات، فلا إلى التكفير عادوا، ولا إلى التطهير تصدوا، وعوقبوا بِصَرْفِ قلوبهم عن شهود الحقائق وذلك أبلغُ مما اتصل بظواهرهم من فنون البلايا.... ونعوذُ بالله من السقوط عن عين الله. اهـ.